وقد يقول قائل: لكن هذه الزلازل أتت غالبا في بلاد إسلامية، ولو كانت آية من آيات الله لأتت على الأمريكان أو الإنجليز أو إسرائيل أو غيرهم ممن يحاربون الإسلام!
ولكني تذكرت أن الأمر قد يكون درسا كالدرس الذي تعلمه موسى -عليه السلام- حين صحب الخضر؛ فكان أول ما حدث له أن ركب معه السفينة، وكان أهل السفينة يعرفون الخضر عليه السلام، فلم يأخذوا منه ولا من موسى -عليه السلام- أجرا، وفي وسط البحر قام الخضر بأخذ بعض ألواح الخشب من السفينة فأفسدها، فتعجب موسى قائلا: "أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا"، فرد عليه الخضر: "قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا"؛ أي لن تدرك الحكمة من أمر الله، فلما حدث له الشيئان الآخران، وطلب موسى من الخضر أن يفسر له ما حدث قال له الخضر: "أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا"؛ فقد أتلف الخضر السفينة حفاظا عليها من الظلمة الذين كانوا يأخذون كل سفينة يقابلونها؛ فحين يرون فيها العطب يبعدون عنها، ولربما كان في الأجندة الاحتلالية لإرهابيي العالم اليوم أن ينظروا إلى هذه البلاد، ولكن عسى الله أن يكون قد حفظها بما قدر لها، والله لا يقدر لعباده إلا الخير.
ولربما كان درسا للناس في هذا المكان وفي غيره أن يدركوا قوة الله تعالى، وأن القوة لله جميعا، وأن لله جنود السماوات والأرض؛ فيتعظوا ويعتبروا، وأن تكون الزلازل طريقا إلى العودة إلى الله تعالى، وأن الله تعالى قد أعطاهم إشارة إلى هذا، وهي أن حفظ بيوته من بين كل البيوت والأماكن شاهد صدق، ودليل يهدي الناس إلى ربهم، ويعيدهم إليه، كما قال تعالى: "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون".